سورة الفجر - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الفجر)


        


{يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي} أي قدمت الخير والعمل الصالح لحياتي في الآخرة، أي لآخرتي التي لا موت فيها.
{فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ وَلا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ} قرأ الكسائي ويعقوب {لا يُعذَّب} {ولا يُوثقَ} بفتح الذال والثاء على معنى لا يعذب أحدٌ في الدنيا كعذاب الله يومئذ، ولا يوثق كوثاقه أحد يومئذ.
وقيل: هو رجل بعينه، وهو أمية بن خلف، يعني لا يعذب كعذاب هذا الكافر أحد، ولا يوثق كوثاقه أحد.
وقرأ الآخرون بكسر الذال والثاء، أي: لا يعذب أحد في الدنيا كعذاب الله الكافر يومئذ، ولا يوثق كوثاقه أحد، يعني لا يبلغ أحد من الخلق كبلاغ الله في العذاب، والوثاق: هو الإسار في السلاسل والأغلال.
قوله عز وجل: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ} إلى ما وعد الله عز وجل المصدقة بما قال الله. وقال مجاهد: {المطمئنة} التي أيقنت أن الله تعالى ربها وصَبرت جأشًا لأمره وطاعته.
وقال الحسن: المؤمنة الموقنة، وقال عطية: الراضية بقضاء الله تعالى. وقال الكلبي: الآمنة من عذاب الله.
وقيل: المطمئنة بذكر الله، بيانه: قوله: {وتطمئن قلوبهم بذكر الله}.
واختلفوا في وقت هذه المقالة، فقال قوم: يقال لها ذلك عند الموت فيقال لها: {ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ} إلى الله {رَاضِيَة} بالثواب {مَرْضِيَّةً} عنك.
وقال الحسن: إذا أراد الله قبضها اطمأنت إلى الله ورضيت عن الله ورضي الله عنها.
قال عبد الله بن عمرو: إذا توفي العبد المؤمن أرسل الله عز وجل ملكين إليه وأرسل إليه بتحفة من الجنة، فيقال لها: اخرجي يا أيتها النفس المطمئنة، اخرجي إلى رَوْح وريحان وربك عنك راض، فتخرج كأطيب ريح مسك وجده أحد في أنفه، والملائكة على أرجاء السماء يقولون: قد جاء من الأرض روح طيبة ونسمة طيبة. فلا تمر بباب إلا فتح لها ولا بِمَلَك إلا صلَّى عليها، حتى يؤتى بها الرحمن فتسجد، ثم يقال لميكائيل: اذهب بهذه فاجعلها مع أنفس المؤمنين، ثم يؤمر فيوسع عليه قبره، سبعون ذراعًا عرضه، وسبعون ذراعًا طوله، وينبذ له فيه الريحان فإن كان معه شيء من القرآن كفاه نوره.
وإن لم يكن جعل له نوره مثل الشمس في قبره، ويكون مثله مثل العروس، ينام فلا يوقظه إلا أحب أهله إليه. وإذا توفي الكافر أرسل الله إليه ملكين وأرسل قطعة من بجاد أنتن من كل نتن وأخشن من كل خشن، فيقال: يا أيتها النفس الخبيثة اخرجي إلى جهنم وعذاب أليم وربك عليك غضبان.
وقال أبو صالح في قوله: {ارجعي إلى ربك راضية مرضية} قال: هذا عند خروجها من الدنيا، فإذا كان يوم القيامة قيل: {ادخلي في عبادي وادخلي جنتي}.
وقال آخرون: إنما يقال لها ذلك عند البعث يقال: ارجعي إلى ربك أي إلى صاحبك وجسدك، فيأمر الله الأرواح أن ترجع إلى الأجساد، وهذا قول عكرمة، وعطاء، والضحاك، ورواية العوفي عن ابن عباس.
وقال الحسن: معناه: ارجعي إلى ثواب ربك وكرامته، راضيةً عن الله بما أعد لك، مرضيةً، رضي عنك ربك.


{فَادْخُلِي فِي عِبَادِي} أي مع عبادي في جنتي. وقيل: في جملة عبادي الصالحين المطيعين المصطفين، نظيره: {وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين}.


{وَادْخُلِي جَنَّتِي} وقال بعض أهل الإشارة: يا أيتها النفس المطمئنة إلى الدنيا ارجعي إلى الله بتركها، والرجوع إلى الله هو سلوك سبيل الآخرة.
وقال سعيد بن جبير: مات ابن عباس رضي الله عنهما بالطائف فشهدت جنازته، فجاء طائر لم نر على صورة خلقه فدخل نعشه، ثم لم نر خارجًا منه، فلما دفن تليت هذه الآية على شفير القبر، ولم ندر من قرأها: {يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي}.

1 | 2 | 3